نعم إنه سلاح ذو حدين، فهو نبراس ينير الدروب، وسيف قاطع يُدمي القلوب، نعم إنه النعمة والنقمة في ذات الوقت، فهو النعمة العظيمة لمن استخدمه في مكانه الصحيح ولكنّه النقمة لمن أبحر في الاتجاه الخاطىء وأساء الاستخدام، فهو من جعل العالم قرية صغيرة، وهو من حول الظلام إلى نور، نعم،   إنه الإنترنت، بل إنها وسائل التكنولوجيا بشتّى أنواعها، سواء أكان ( فيس بوك ) أو(انستاغرام) أو أي وسيلة أخرى من وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن السؤال اللاهث اللاهب، ألا نرى كل يوم ضحية تقتل ويسفك دمها نتيجة تلك الوسائل؟؟؟ الإجابة القاطعة المانعة هي نعم.

فباستخدام تلك الوسائل أصبحت كل أسرار الناس مباحة، فعمّ الفساد، واكفهرّت البلاد، وكل ذلك بسبب الجهل بطريقة الاستخدام المُثلى لتلك الوسائل، فلو نظرنا إلى أقسام المباحث المختصة بالجرائم الالكترونية، لوجدنا مئات الجرائم كل شهر، والتي تستدعي وضع عقوبات رادعة لكل من يثبت عليه أي جريمة إلكترونية،  فهي متعددة الأشكال والأوصاف، فمنها التسجيلات المختلفة، وسرقة الحسابات والانتحال والابتزاز الالكتروني، والشتم و التشهير واختراق الخصوصيات، وغيرها من الأمور التي يجب أن يكون الفرد على دراية بها، لأنه وبالرغم من الآفاق الواسعة التي فتحتها شبكة الإنترنت في مختلف مناحي الحياة، إلا أنه أصبح من السهل القيام بكل هذه العمليات وخاصة الاحتيال المالي وسرقة بطاقات الائتمان والاستيلاء على مبالغ مالية طائلة.

وفي هذا السياق؛ فإن الاستعمال المفرط في استخدام جميع هذه المواقع ، وكذلك التصوير المستمر لكل مناحي الحياة، يؤدي بشكل مباشر إلى وقوع مزيد من الضحايا في هذا المجال، و بالتالي حدوث المشاكل بين الاهل والجيران والأقارب.

ولن ننسى أيضا حالات الطلاق المفرطة، التي كان سببها الأول في يومنا هذا، هو سوء الاستخدام لوسائل الانترنت، فقد ظهرت ظاهرة الخيانة الزوجية بشكل مريع في الآونة الأخيرة، وكل ذلك بسبب هذا التقدم التكنولوجي السريع دون وجود وعي كافي، والذي بدوره أوجد بيئة خصبة لحدوث مثل هذه الظاهرة، وانتهاك حياة الزوجين والأسرة بشكل سيء للغاية أو وقوع المتصل كضحية جديدة لهؤلاء المجرمين.
وسابقاً اعددنا مقالاً بعنوان: الخيانة الزوجية الإلكترونية

وبالرغم من وجود كل هذه المخاطر، إلا أننا لن نغمض أعيننا عن الدور الفعّال الذي يقوم به أفراد قسم الشرطة وكافة المؤسسات والمنظمات المختصة بهذا المجال، للمحافظة قدر الإمكان على الأمن والأمان في هذه المواقع، فنراهم يقومون بالزيارات الميدانية للمدارس لتوعية الفتيات والفتيان الذين هم في مُقتبل أعمارهم عن كيفية الاستخدام الآمن للانترنت والحد من ظاهرة الإدمان على استخدامه، وكل ذلك من أجل حماية ضحايا الجريمة الإلكترونية، لأننا وبالفعل، في هذا الوقت أحوج ما نكون على علم و دراية بكل ما يحدث حولنا من جرائم مختلفة.

فإلى كل من يهمه الأمر، من شرطة ومؤسسات مختصة وغيرهم التركيز و الإكثار من إقامة الندوات و الدورات في كافة مؤسسات الوطن للحد قدر المستطاع من خطورة هذه الآفة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى على الأهل متابعة كافة مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بأبنائهم، وخصوصاً إذا كانوا في سن المراهقة، ومعاملة أبنائهم من مبدأ الصداقة وليس الرقابة، و هناك سنرى الأبناء يخبرون أهلهم بكل ما يجول بخاطرهم، و حينئذٍ سيستطيع الأهل تفادي أي مشكلة مهما كبر حجمها.

وبالتالي نكون قد استطعنا أن نولد جيلا مثقفا واعيا لكل ما يدور حوله من أمور، و يصبحوا متأهبين لأي طارئ يقدم عليهم، وكذلك فتياتنا يصبحن قادرات على صدّ أي رياح هوجاءَ تعترضهن، ويصبحن أكثر وعياً و دراية حول استخدام الجوالات أو أجهزة الحواسيب الخاصة بهن.

ولن يحدث كل ذلك إلا بالتوعية المستمرة والتقرب للأبناء، وزرع القيم الأخلاقية في نفوسهم، لأن الثروة الحقيقية تكمن في الأبناء وليس في الأموال وكما  قيل قديماً "الأبناء أفضل من الثروة".

 

المؤلفون

كلمات مفتاحية: أولياء الأمور الجريمة الإلكترونية العلاقات الغرامية الإدمان التوعية الاعلامية


عدد القراءات: 300