قيل في قديم الزمان كل شيء زاد عن حده نقص، حين اجتاحت الشبكة العنكبوتية حياة الشعوب اعتمدت مبدأ تحويل العالم لقرية صغيرة، بعيداً عن البحث في الإجراءات والطرق اللازمة لحماية حدود تلك القرية، لنشاهد في النهاية أنها أصبحت "أفيون إلكتروني" خدر العلاقات جميعها من حولنا، فأصبحت خصوصيات الأغلب كالأرض المشاع مُباح أغلب ما فيها.

إن حاولنا التعمق في نسبة الأمان التي توفرها روابط التصفح، وصفحات البحث الإلكتروني يمكننا الاستكشاف أن هذه المواقع هي تجارة بحتة تبحث عن مصلحتها الشخصية، وكيفية رفع قيمة أسهمها بعيدا عن التفكير بالآثار السلبية التي ستعود حتما على مستخدميها ومتصفحيها.

أثبتت الدراسات التي تم إجراؤها مؤخراً أنَ أغلب المواقع الإباحية يتم تصفحها بنسبة عالية، وهذه النسبة تتزايد ما بين أعمار المراهقين، والذين يبحثون عن إجابات لأسئلة يتهرب الآباء من الإجابة عنها أو حتى التوجيه والإرشاد لإبنائهم بتوعية صحيحة من مصادر آمنة لا ضرر فيها.

الانفتاح العام على الثقافات المختلفة جعل الكثير من الأفعال المستهجنة أمرا طبيعيا يمكن ممارسته ببساطة، ولربما المطالبة بالتحرر جعلت التفكك الأسري مباحا، حتى وإن ضمتهم عائلتهم؛ فكم منا يبحث عما يتصفحه الأبناء، ومدى أمان ما يتم زيارته؟

لقد أصبحت عمليات القرصنة تخترق معظم الأجهزة دون أن تتوفر الرقابة الكافية لإيقاف مثل هذه الأفعال، لتتحول بالتالي إلى مهنة من لا مهنة له، وأما عمليات الابتزاز عبر المواقع المختلفة؛ جعلت العالم سجناً صغيراُ بيد أُناسٍ لا رادع يصدهم، وبالتالي أصبح إلزامي من الجميع بث نشرات وبرامج التوعية الإعلامية بين صفوف المراهقين على وجه الخصوص، واعتمادها داخل المدارس والجامعات، لتثقيف الجميع بطرق حماية نفسه وخصوصياته من مفترسي الأمان.

توخي الحذر عبر مواقع الإنترنت هو فرض عين لا ينوب به شخص عن آخر، ومفترض بالجميع اتخاذ الطرق السليمة لذاك، فمن لا نعرفه معرفة شخصية يجب علينا أن نمتنع عن فتح بوابات خصوصياتنا أمامه، وما يحدث بيومياتنا حبذا لو أنه بقي في طيات الأوراق اليومية دون إخراجه للملأ دون رقيب، وأما إن حدث كل ما سبق، فطريق العلاج السليمة تبدأ بعدم الخوف، والتصالح مع الذات والأهل، ومن ثم التوجه للمكان الصحيح، لحل أي مشكلة تخترق أمان مواقعنا كي لا نفتح المجال لعمليات ابتزاز لا تحمد عقباها، الحل يجب أن يكون جذريا لسد الطريق أمام المتفرغون من كل شيء، وهدفهم الوحيد اختراق خصوصية غيرهم.

مراقبة هواتف الأبناء وما يشاهدون من مسلسلات وغيرها، والتعرف على أصدقائهم ليس بالعيب أوالجريمة، إنما نوع من الحماية سنجني ثماره لاحقا.

التقليد الأعمى لكل ما يتم نشره عبر المواقع أودى بحياة الكثيرين، فكان من أكثر أسباب الخراب في العلاقات، فالجميع يستطيع أن يصنع محتوى، ويقوم ببثه عبر الإنترنت دون أن التأكد من صحة ما تم بثه، وكم من مواقع تبث لصالح دول غازية هدفها الأول السيطرة ونشر العدائية، وتقسيم الأُسر تحت مسميات الدين والسياسة، ويبدأ هجوم الأطراف، وتتناوب المسبات فيما بينهم، ومن بث ذاك المحتوى يراقب بشغف ارتفاع قيمة رصيده من خلال تلك المناورات والتي تصل بأغلب حالاتها إلى الوعيد والتهديد، ذاك كله ينساب من خلال بوابات لا قفل لها، والجميع مباح له اقتحامها والخوض بممتلكاتها.

النفس ذاتها من تستطيع أن تتفادى مشكلة موجودة في عالمنا، والحل يبدأ من خلال صد هجمات من يحاول جعل الممنوع مرغوباً، والسيطرة علينا من خلال الشبكة العنكبوتية، والتي ستلتف يوما حول رقابنا، إن لم نواجهها بالطريقة الصحيحة.

ضع قدمك بالدرب الصحيح وتعلم أين توجه عقلك وكيف تستغل سيفاً ذو حدين، أنت وحدك من تقرر كيف ترسو بسفينتك على بر الأمان.

المؤلفون

كلمات مفتاحية: أولياء الأمور التوعية الاعلامية الخصوصية


عدد القراءات: 261