تشهد حركة التجارة الإلكترونية الفلسطينية في الآونة الأخيرة تقدماً ملحوظاً، تماهياً مع التقدم المهول في عالم التكنولوجيا، غير أنها تشكو قلة تنظيمها ورعايتها ولحاقها بالمنظومة العالمية.

لكن الأرقام الصادرة من الجهات الرسمية في فلسطين، تشير إلى ضعفها وعدم الإقبال عليها بشدة مع انتهاء عام 2019.

يطرح حجم التجارة الإلكترونية في العالم الذي يقترب من 28 تريليون دولار، عام (2019)، التساؤل حول حجم وحال قطاع التجارة الإلكترونية في فلسطين في السياق العالمي، وما هي الحماية القانونية للمستهلكين، ومن الجهة المسؤولة؟ وأسئلة أخرى كثيرة تتعلق بمدى استثمار التجارة الإلكترونية في ترويج بضائعنا ومنتجاتنا الوطنية في الأسواق العالمية؟ وإلى أي حد تعمل التجارة الإلكترونية على توفير فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل في فلسطين؟ وما هو الدور الحكومي في كل ذلك؟!

وفي هذا السياق، أظهرت نتائج تقرير الرقمنة العالمية لعام 2019 أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم تجاوز 4.5 مليار مستخدم، وأشار إلى أن أكثر من 3.3 مليار يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي؛ كما يستخدم 9 من أصل 10 من مستخدمي الهواتف الذكية للدخول إلى موقع التواصل الاجتماعي.

في فلسطين أظهرت بيانات التعداد أن حوالي 53% من الأسر لديها اتصال بالإنترنت، وقطعت فلسطين خطواتها الأولى نحو اقتحام الفضاء التجاري والتسوق الإلكتروني، وباتت تسير رغم بطئها وثقلها نحو مواكبة التقدم في الأسواق العالمية، لتكون ملاذ آلاف المواطنين للهروب من ويلات الحصار والأزمات وقيود الاحتلال الإسرائيلي الحديدية.

هذا النوع الوليد من التجارة الفلسطينية بات يستهوي الكثير من الشباب وخريجي الجامعات الذين اصطدموا بجدار البطالة، ووجدوا فيه رزقاً ولقمة عيش، رغم بعض الصعوبات وكثير من الجهد الذي يتطلبه هذا العمل خلف الحاسوب أو الهاتف الشخصي.

 

أرقام خجولة

تقرير حديث، أظهر أن 8.1% فقط من مستخدمي الانترنت في فلسطين، قاموا بشراء سلع أو خدمات عبر الانترنت خلال 2019.

ووفق تقرير لجهاز الإحصاء المركزي، بلغت نسبة مستخدمي الانترنت في المجتمع الفلسطيني العام الماضي، حوالي 70.6%.

وبينت نتائج التقرير، أن نسبة استخدام الانترنت من قبل الفلسطينيين للتجارة الالكترونية في الضفة، حوالي 9.4% بينما كانت أقل في غزة، حوالي 5.5%.

وأصدرت مؤخراً شركة فلسطينية مختصة بدراسة نشاط الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، أشارت إلى وجود أكثر من 1000 صفحة على موقع التواصل الاجتماعي للتجارة الالكترونية في فلسطين.

وقد تصدرت سلع الأحذية والملابس الرياضية، قائمة أكثر السلع التي اشتراها الفلسطينيون عبر الانترنت عام 2019 بنسبة وصلت الى 63 % ممن استخدموا الانترنت للشراء.

البيانات المنشورة الى أن شراء مستحضرات التجميل، جاءت ثانياً، من قبل الفلسطينيين الذين استخدموا الإنترنت للشراء العام الماضي، بنسبة شكلت 21.6%. تلتها السلع المنزلية " الأثاث والألعاب " وغيرها، بنسبة بلغت 20.2% من الأفراد الذين استخدموا الانترنت للشراء في 2019. ولم يتجاوز معدل معالجة المتاجر الالكترونية في فلسطين، أكثر من 40 ألف طلب شراء سنوياً.
 

معيقات التجارة الالكترونية في فلسطين

أبرز تلك العقبات تكمن في الاحتلال الذي يحاول دائماً بكل الطرق تكبيل الاقتصاد الفلسطيني ومنع نموه، إضافة إلى سيطرته الكاملة على البريد الفلسطيني الذي يوصل المنتج إلى الزبون أو العكس.

إنّ مراقبة الاحتلال للبريد والتضييق عليه، وحجز الآلاف من الطرود يعد أكبر وأهم الأسباب التي تعيق تطور هذه التجارة الواعدة داخل الأراضي الفلسطينية.

عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إضافة إلى الانقسام الداخلي والتقسيم بين غزة والضفة، وعدم تطور البريد المحلي، وغياب البيئة القانونية المشجعة والمحفزة لانطلاق تلك التجارة، وعدم وعي المواطنين بها، تعد من ضمن الأسباب الهامة التي تحوْل دون انتشار التجارة الإلكترونية في المجتمع الفلسطيني.
 

ما الذي يعيق عمل التجارة الإلكترونية عموما؟

يفرض التخوف من اختراق الخصوصية، وعدم احترام الأخلاقيات إلى تخوف الكثيرين من العمل بالتجارة الإلكترونية، وهو ما يبرز التحفظ عليها بالدول النامية بشكل خاص نتيجة للأسباب الآتية:

  1. انخفاض دخل الأفراد.
  2. الافتقار إلى احترافية العمل بالتجارة الإلكترونية.
  3. ارتفاع كلفة الوصول إلى شبكة الإنترنت، وعدم كفاية البنية التحتية للاتصالات اللاسلكية.
  4. عدم وجود أطر تنظيمية أو قانونية مناسبة.
  5. نقص المبادرة الفردية، وعدم الاعتماد على اللغة والمحتوى المحليين.
  6. عدم تطوير أنظمة الدفع بشكل يسمح بدعم الصفقات التجارية على الإنترنت.

قيود التجارة الإلكترونية

تحدث مشاكل لكل من العملاء والبائعين. يمكن أن تسبب سرعة الإنترنت المنخفضة العديد من المشكلات، إذا كان حجم المعلومات وعدد صفحات موقع الويب الخاص بالشركة كبيرًا جداً، فسيحتاج الزبون ون إلى بذل جهد كبير للحصول على المعلومات التي يريدونها وتنزيلها.

لا تسمح التجارة الإلكترونية للمشترين باللمس والشم والتذوق ورؤية البضائع عن قرب بشكل عام قبل الشراء.

يتبع بعض بائعي التجارة الإلكترونية سياسات مختلفة لتقليل هذه المشاكل إلى أدنى ما يمكن وكسب ثقة العملاء، ويعرض للمتسوقين عبر الإنترنت إمكانية ترجيع البضائع في ظل ظروف معينة.

التدابير الأمنية بالنسبة للمشترين والبائعين الذين يستخدمون التجارة عبر الإنترنت، تشكل مخاوف أمنية مهمة للغاية، يشك العديد من المستهلكين في الشراء عبر الإنترنت لأنهم غير مطمئنين من أمان معلوماتهم الشخصية على هذه المواقع. مؤخراً تجاهلت بعض الشركات التي تقدم خدمات المبيعات عبر الإنترنت تقديم أي معلومات عن المشترين. يوجد حتى شركات تشير إلى أمان المعلومات الشخصية للمشترين على موقع الويب الخاص بها وتضمنها بنسبة مئة بالمائة.


في بعض الحالات يمكن للمستخدم أيضًا حذف المعلومات الشخصية من قاعدة بيانات الشركة بعد اكتمال عملية الشراء. ومع ذلك، فإن العديد من المتسوقين عبر الإنترنت غير مدركين تمامًا أن معلوماتهم الشخصية قد تتم مشاركتها مع شركات أخرى. في مثل هذه الحالة لا توجد وسيلة لوقف انتقال المعلومات هذا.

قيود في التعاملات المالية

مع غياب الحلول العالمية لبوابات الدفع الإلكترونية في فلسطين التي تقدمها الخدمات الإلكترونية مثل باي بال Paypal وعدم دعمها لفلسطين، ما يزيد من حجم التحديات التي يواجهها الأفراد في البدء في مشروع تجارة إلكترونية ناجح، تبرز أهمية البحث عن الحلول المتاحة محليا فيما يتعلق في بوابات الدفع الإلكترونية أو أية حلول مناسبة أخرى.

حسب مسح الإحصاء، 86% من الفلسطينيين الذين قاموا بالشراء عبر الانترنت، استخدموا طريقة الدفع النقدي عند الاستلام، بينما 15.2% بواسطة بطاقة ائتمان، و7.5% ، عبر التحويل المصرفي، و 3.7% من خلال استخدام خدمات الدفع عبر الانترنت، و1.9% استخدموا طريقة الدفع من خلال الحساب المالي المتنقل " حساب موصول برقم الهاتف المحمول ".

أنّ مشكلات الدفع العابر للحدود يحتاج إلى المزيد من الجهود لخلق بيئة محفزة أكثر للشباب والشابات الراغبين في الدخول إلى هذا العالم، عالم التجارة الإلكترونية، وهو يحتاج فعلا إلى المزيد من التنظيم.

المؤلفون

فضل سليمان

مبادرة الأمن والأمان على الإنترنت

كلمات مفتاحية: التجارة الإلكترونية


عدد القراءات: 986